بــســــم الله :)


الحمد لله
عدد ما كان
و عدد ما سيكون
و عدد الحركات و السكون !

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

شبح النواقص !!!

شبح النواقص !!!
-------------------



الآن و قد قضيت أربعة شهور كاملة من العمل في إحدى الصيدليات ، و احتككت بالمجتمع و تذوقت الحياة العملية ، بالإضافة إلى فترات تدريب كثيرة سابقة ، و بالرغم من أن تلك الفترة الزمنية من الإحتكاك تبدو قصيرة ، إ
لا أنني لا أطيق صبراً لكي أعبر عن مدى استيائي من أهم الظواهر و أسوأ المشكلات التي تواجهني أثناء عملي و تسبب لي شعور مستمر بالألم و الضيق.

أثناء فترة دراستي كنت أظن _ سذاجةً مني _ أن أكبر المشكلات التي سيتطلب مني حلها أثناء عملي هي كيف أغير صورة المهنة الخاطئة في أعين الناس من بائع إلى دكتور صيدلي و لم أتخيل أنه سيتعين عليّ أن أغير الصورة من تاجر مستغل محتكر إلى دكتور صيدلي; فهناك فرق بين أن تكون بائعاً و أن تكون تاجراً مستغلاً محتكراً للدواء ، نعم .. الآن أصبحت مصيبة و ليست مشكلة .. أن أغير الصورة من بائع و تاجر إلى صيدلي !


كيف أعجز عن توفير الدواء و أنا مصدر المريض الوحيد للحصول عليه ؟ هل يلجأ المريض إذن لشراءه من السوق السوداء ، تحت السلم أو من على الأرصفة ؟


ما أتحدث عنه الآن ليست مجرد مشكلة ، و إنما شبح .. شبح النواقص !


كيف مفترض بي أن أشعر مع كل مريض يدخل منهكاً من فرطِ بحثه و لفـّه و أتى إليّ لاجئاً آملاً أن أوفـّر له الدواء؟ ، و الأسوأ هي تلك النظرة التي تخترقني حاملةً بداخلها كل معاني اليأس و أحياناً تكون محملة بالعتاب و اللوم فأضطر أن أقسم له على كل مصاحف الصيدلية أن : "و الله النقص من الشركة اللي بتصنعه" ، فترتد إليّ نظرة معناها : "اتصرفي .. مش ده شغلك ؟" ، هذا في حال لم ينطق بها !


و شبح النواقص ذلك أشبه بأن تأتي لرجل فقير جائع فتقدم له لقمة عيش ساخنة و تقول له : "عجبتك؟" ، فيرد : "ايوة حلوة قوي ، في تاني؟" ، فتقول له : "لا يا حبيبي متحلمشي بأكتر من كده ، دانا كنت بدوّقهالك بس ، مفيش عيش تاني خلاص".


مع كامل إحترامي لشركات الدواء و أصحاب شركات الدواء و مديرين شركات الدواء و كل من له شأن في إحدى شركات الدواء و لكن ما يحدث و بكثرة الآن هو انعدام للشعور بالمسئولية و يكاد يكون انعدام للشعور أصلا ، و إذا كنت تعرف أن الدواء الذي تنتجه سوف يحدث فيه عجز لسبب أو لآخر .. أو إذا كان غرضك من البداية أن يكون هذا المنتج مجرد "سبوبة" وقتية ترفع بها من شأن شركتك أو تصل لنسبة أرباح معينة أو لأي غرض آخر ، فكان من الأفضل لو لم تنتجه أساساً من البداية ، فعدم وجودك أفضل من غياب بعد حضور و عدم معرفتنا بك كانت ستوفر علينا عناء كبير.


أما إذا كان هذا العجز شيء مفاجئ لم يكن في الحـُسبان ، فلتجد إذن حلا و بسرعة لأن "ده شغلك و واجبك" و إذا لم تجد من الضمير و المسئولية ما يكفي لتحاول جديا فلتعتزل المهنة للأبد و "منشوفش وشك تاني" ، و الإحتمال الأخير أن تفشل كل المحاولات الجدية فسيكون عليك أن تبدأ بحملة من الدعاية لتقدم إعتذار و تخبر الأطباء بالإمتناع الكامل عن صرف هذا الدواء ، بالضبط مثل أي حملة لدواء جديد .. و لتترك الفرصة للبديل طبعا في حال لم تكن أنت المنتج الوحيد !!!


و أخيراً ، هناك بعض الأشياء التي تدعو للتساؤل .. أن يختفي منتج من سوق الدواء رغم أنه ناجح نسبيا ليظهر منتج آخر لشركة أخرى مطابق تماماً للسابق .. شيء مريب ! ، أن يتأخر المنتج لفترة ثم يظهر مرة أخرى بسعر أكبر .. شيء غريب ! ، و أن يصرّ الطبيب على وصف دواء بعينه رغم أن الحصول عليه صعب و له بدائل عديدة .. شيء عجيب ! ، و أن تمتنع الشركة عن انتاج الدواء لأنه لم يحقق لها النجاح المادي المطلوب رغم نجاحه عمليا .. شيء مستفز ! ، و أن تكون الشركة هي المنتج الوحيد للدواء ثم تمتنع عن إنتاجه و لا بديل آخر ... فما الحل ؟!!!


خديجة غتوري

ليست هناك تعليقات:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...